عاجل: تقارير استخباراتية تفيد بانسحاب جزئي للقوات الأجنبية من قاعدتين بسوريا بضمانة روسية؛ مفاوضات سرية لتحديد "العمق العازل".


عاجل: تقارير استخباراتية تفيد بانسحاب جزئي للقوات الأجنبية من قاعدتين بسوريا بضمانة روسية؛ مفاوضات سرية لتحديد "العمق العازل".

انسحاب جزئي للقوات الأجنبية

عاجل: تقارير استخباراتية تفيد بانسحاب جزئي للقوات الأجنبية من قاعدتين بسوريا بضمانة روسية؛ مفاوضات سرية لتحديد "العمق العازل".

تتحدث تقارير استخباراتية إقليمية عن تطور استراتيجي محتمل في المشهد السوري، يشير إلى بدء انسحاب جزئي لقوات أجنبية رئيسية من قاعدتين محددتين، خاصة في الجنوب ومحيط دمشق، وذلك تحت مظلة ضمانة روسية مباشرة. هذا التطور، إن تأكد، يمثل أكثر من مجرد تحريك للقوات؛ إنه إعادة هيكلة للنفوذ وتغيير لقواعد الاشتباك.

يرتبط هذا الانسحاب مباشرة ببدء مفاوضات سرية لتحديد ما يُسمى بـ "العمق العازل"، وهو المصطلح الذي يشير إلى مدى المسافة التي يجب أن تبتعدها هذه القوات عن الحدود الاستراتيجية. تتصدر روسيا هذه المفاوضات، مستغلة دورها كقوة ضامنة وحامية للنظام السوري، في محاولة لتحقيق توازن دقيق بين مصالح حلفائها (إيران) ومصالح أطراف إقليمية أخرى.

يهدف هذا المقال إلى تحليل الأبعاد الخفية لهذه الخطوة: ما هي المصالح الروسية وراء تقديم هذه الضمانة؟ ما هو الثمن الذي ستدفعه إيران؟ والأهم، كيف سيعيد هذا الانسحاب الجزئي رسم خارطة التهديدات الأمنية والجيوسياسية في جنوب ووسط سوريا؟


1. 🇷🇺 موسكو في دور "الضامن والمفاوض": المصالح الروسية العليا

لا تقدم روسيا ضمانات أمنية مجانية. هذه الخطوة تشير إلى أن موسكو تسعى لتحقيق مكاسب استراتيجية متعددة الأوجه:

تثبيت النفوذ وإعادة التموضع

تسعى روسيا لإعادة تثبيت نفسها كـ "القوة الوحيدة التي يُعتمد عليها" في سوريا والقادرة على إدارة الأزمة والسيطرة على الأجواء. أي انسحاب جزئي بضمانتها يؤكد تفوق نفوذها على نفوذ الأطراف الأخرى، ويرسخ وجودها كلاعب أساسي لا يمكن تجاوزه في أي تسوية مستقبلية.

تحييد مناطق الصراع الساخنة

قد تكون روسيا تسعى لـ "تجميد" بعض مناطق الصراع الساخنة، خاصة في الجنوب، لتركيز جهودها على ملفات أخرى (مثل إدلب أو شرق الفرات). هذا يتطلب إبعاد التهديدات التي تستدعي الردود العسكرية المكثفة، مما يقلل من الضغط على النظام السوري.

كسب القبول الإقليمي

من المرجح أن تكون الضمانة الروسية جزءاً من تفاهمات أوسع مع قوى إقليمية ودولية (ربما عبر قنوات استخباراتية سرية). تقديم ضمانات لإبعاد قوات معينة هو وسيلة لكسب النوايا الحسنة أو الحصول على مزايا اقتصادية أو سياسية في ملفات أخرى.


2. ما معنى "العمق العازل"؟ وخارطة طريق الانسحاب

مصطلح "العمق العازل" يشير إلى أن التفاوض لا يتعلق بـ "الانسحاب الكامل" بقدر ما يتعلق بـ "تعديل التمركز" لتقليل التهديد المباشر.

مفهوم "العمق العازل"

يُعتقد أن العمق العازل المتفاوض عليه قد يتراوح بين 20 إلى 40 كيلومتراً، وهو مسافة كافية لوضع نقاط إطلاق الصواريخ قصيرة المدى ومرابض المدفعية بعيداً عن الهدف الاستراتيجي، مع تركيز المراقبة على الشريط الحدودي. هذا التكتيك لا يُلغي الوجود، بل يُعطله عسكرياً في تلك المنطقة.

تداعيات على الأراضي السورية

إذا كان الانسحاب يركز على قاعدتين رئيسيتين، فمن المرجح أن تكون هذه القواعد ذات أهمية لوجستية أو رمزية عالية. الانسحاب الجزئي منها يعني:

  • تحويل الوظيفة: إمكانية تحويل السيطرة على هذه القواعد بشكل كامل إلى الجيش السوري النظامي، مع وجود مستشارين روس.
  • تقييد الحركة: فرض قيود مشددة على حركة القوات المنسحبة خارج العمق العازل المتفق عليه، ومراقبة هذه الحركة عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة الروسية.


3. 🇮🇷 النظام السوري والثمن: خسارة النفوذ الإيراني المؤقتة

يعتبر هذا الانسحاب، الجزئي والمشروط، تنازلاً إيرانياً مؤلماً، وهو ما يسلط الضوء على درجة الضغط الروسي على طهران ودمشق:

التخلي عن "نقاط التماس"

الانسحاب من قاعدتين استراتيجيتين يعني تضحية بنقاط تماس مهمة كان يمكن استخدامها في أي تصعيد مستقبلي. هذا يؤكد أن المصلحة الروسية في الاستقرار الأمني المؤقت تفوق مصلحة إيران في التموضع الأمامي.

رد الفعل الإيراني المحتمل

من غير المرجح أن تنسحب إيران بالكامل، بل ستسعى لتعويض هذا الانسحاب بزيادة التعزيزات في مناطق سورية أخرى بعيدة عن النطاق العازل، أو بزيادة نفوذها في مجالات **غير عسكرية** داخل مؤسسات النظام، مثل الاقتصاد والمجتمع المحلي، لضمان استمرار تأثيرها.

موقف النظام: بين القبول والاحتياج

يجد النظام السوري نفسه في موقف صعب: فهو لا يستطيع رفض الضمانة الروسية، وفي الوقت نفسه لا يريد التضحية بدعم حليف رئيسي مثل إيران. القبول بالانسحاب الجزئي هو دليل على أن حاجة النظام إلى "الاستقرار المؤقت" تفوق حاجته إلى التموضع العسكري المتقدم لحلفائه.


4. ما بعد الانسحاب: هل سيتم تجميد الجبهة الجنوبية؟

إذا سارت المفاوضات السرية بنجاح وتم تحديد العمق العازل، فإن السيناريوهات المتوقعة تتضمن:

  • زيادة القوة الروسية السورية المشتركة: ستزيد روسيا من وتيرة الدوريات العسكرية المشتركة مع الجيش السوري في المناطق التي تم إخلاؤها لملء الفراغ ومنع أي عودة غير منسقة.
  • انتقال العمليات إلى الظل: ستتحول العمليات الإيرانية و/أو عمليات القوات الوكيلة إلى عمليات غير رسمية أو سرية (Covert Operations) داخل المناطق الحضرية، بدلاً من العمل من قواعد عسكرية ضخمة.
  • ضغوط على المفاوضات: ستتعرض الضمانة الروسية لاختبار مستمر من خلال محاولات القوات المنسحبة العودة أو تجاوز "العمق العازل"، مما يضع ضغطاً متواصلاً على روسيا للالتزام بتعهداتها.

5. الخلاصة: تكتيك مؤقت أم تغيير دائم؟

إن الأنباء عن انسحاب جزئي بضمانة روسية تشير إلى أن موسكو تعمل بفاعلية على تحويل التناقضات الإقليمية إلى "أدوات نفوذ". لا يمثل هذا الانسحاب نهاية الوجود الأجنبي في سوريا، ولكنه يمثل محاولة لإدارة هذا الوجود بشكل أكثر حذراً وفعالية، وبتكلفة أقل على النظام السوري.

مصير هذا الترتيب الاستراتيجي سيتوقف على مدى التزام الأطراف المختلفة بتفاهمات "العمق العازل"، وقدرة روسيا على إبقاء حلفائها تحت السيطرة. هذا التحول هو تكتيك مؤقت يهدف إلى تجميد الصراع، لكنه ليس حلاً دائماً لأزمة النفوذ في سوريا.

المصدر: تحليل استخباري وجيوسياسي لمتغيرات النفوذ الإقليمي في سوريا 2025.

Post a Comment

أحدث أقدم